إيران بين فكي المطرقة الأمريكية والإسرائيلية- تصعيد خطير ومستقبل غامض

المؤلف: حمود أبو طالب09.03.2025
إيران بين فكي المطرقة الأمريكية والإسرائيلية- تصعيد خطير ومستقبل غامض

قبيل الجولة المفاوضاتية المترقبة، شنت إسرائيل هجومًا مباغتًا على إيران. وقبل انقضاء المهلة المحددة بأسبوعين من قبل الرئيس ترمب، قامت الولايات المتحدة بشن غارة على كافة المنشآت النووية الإيرانية الحيوية. هنا يتبادر سؤال هام إلى الأذهان: هل كان بالإمكان تفادي هذين الهجومين المدمرين بأي طريقة ممكنة، فيما لو تم عقد جولة المفاوضات الآنفة الذكر، أو حتى قبل انتهاء المهلة بيوم واحد لا غير؟ الجواب القاطع هو: كلا. فما جرى كان أمرًا مدبرًا ومخططًا له منذ زمن بعيد. أما الحديث عن التفاوض والمهلة الممنوحة، فلم يكن سوى مناورة تكتيكية محضة لكسب عنصر المفاجأة والتمويه. فالهجوم الإسرائيلي والضربة الأمريكية ليسا بقرارين يتم اتخاذهما كرد فعل انفعالي في اللحظات الأخيرة. فالتنسيق المحكم بين الجانبين الإسرائيلي والأمريكي كان قائمًا ومستمرًا منذ شهور خلت، على نحو ما ذكرته التقارير الإخبارية. وكان الرئيس ترمب قد وضع البرنامج النووي الإيراني على رأس أولوياته وأجندته منذ وطأت قدماه البيت الأبيض، وأعلن بجلاء أنه لابد من إيقافه بشكل كامل. بيد أن إيران أخطأت التقدير هذه المرة في تعاملها مع ترمب خلال ولايته الرئاسية الثانية، ووقع المحظور. الآن، تنعم إسرائيل بنشوة عارمة جراء تحقيق هدف استراتيجي لطالما تاق إليه قادتها. وأثبت ترمب أنه لا ينبغي الاستهانة بمدى جديته وتصميمه. ولكن ما الذي سيحدث بعد هذا التصعيد الخطير الذي شهدناه؟ الضربة كانت قاسية ومؤلمة للغاية بالنسبة لإيران، غير أنها شنت هجومًا مضادًا نوعيًا فور استهداف مفاعلاتها، مما أحدث دمارًا واسعًا في المواقع التي طالتها النيران. وكذلك شنت إسرائيل موجة أخرى من الغارات الهجومية على إيران. فهل سينخرط الطرفان في ما يشبه حرب استنزاف مدمرة وطويلة الأمد؟ أم أن الرئيس ترمب سينفذ تهديده الذي أطلقه في خطابه الناري عقب ضرب المفاعلات، بأنه إذا لم تمتثل إيران للأمر الواقع وتستسلم، فستشهد المنطقة أحداثًا مأساوية ذات عواقب وخيمة؟ الوضع الحالي يتسم بمنتهى الخطورة، ولا يجوز أن يستمر هذا التصعيد المتسارع بوتيرة جنونية. فمنطقتنا هي المتضرر الأول والأكبر بشكل مباشر، ومعها العالم أجمع على صعيد الاقتصاد والأمن والاستقرار. لذا، يتعين على كافة الأطراف المنخرطة في هذا الصراع المحتدم أن تتحلى بأقصى درجات التعقل والتبصر، ولا سيما الولايات المتحدة الأمريكية. فالتصلب والتشبث بالرأي والمواقف المتعنتة سيقود حتمًا إلى كارثة حقيقية غير مسبوقة في التاريخ. ولا بد من الإصغاء إلى أصوات الدول الداعية إلى حل المشاكل والمنازعات المعقدة عبر الدبلوماسية الراقية والحلول السلمية البناءة، واحترام مواقفها ومصالحها المشروعة. فالسلام كلما تأخر تحقيقه، كلما أصبح بلوغه أكثر صعوبة وعصيًا على المنال.

سياسة الخصوصية

© 2025 جميع الحقوق محفوظة